العودة للصفحة الرئيسية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مُجمع ألـزهراء ألأسلامي


    الطلاق .. لماذا ؟ // الجزء الأول

    mohammed jafar alkeshwan
    mohammed jafar alkeshwan


    عدد المساهمات : 20
    نقاط : 63
    تاريخ التسجيل : 14/02/2010

    الطلاق .. لماذا ؟ // الجزء الأول Empty الطلاق .. لماذا ؟ // الجزء الأول

    مُساهمة من طرف mohammed jafar alkeshwan الخميس أبريل 15, 2010 3:25 am






    الطلاق..لِماذا ؟ // الجزء الأول



    الطلاق هو آخر رمق في الحياة الزوجية بعد فشل كل وسائل العناية المرّكزة لأنقاذه وإعادته سيرته الأولى ، ومن الغريب ـ المتعارف عند البعض ـ أن الحَكَمَ مِن أهل الزوج أو الزوجة والذي يُرتجى منه إصلاح ذات البين ورأب الصدع ، هو ذاته مَن يُعجّل بإطلاق ـ رصاصة الرحمة ـ في جبين تلك المؤسسة الأجتماعية التي تسهم في رقيّ ونمو ، أو تدهور وإنحطاط المجتمع . كَثُرت في عصرنا هذا حالات الطلاق السريع ، ربما لأننا نعيش عصر السرعة في كل نواحي الحياة. ما حضرت عقد قِران إلآ وسمعت بعد أشهر بالطلاق ، إلآ ما رَحِمَ ربي ، حتى تندرتُ يوماً مع أحد الأصدقاء الذي جاء يدعوني لحضور حفل زواج إبنه قائلاً : ومتى بالسلامة سوف يطلّق المحروس ؟
    أسباب الطلاق هي أكثر مِن أن تُعدَ وتُحصى ، فبالأضافة إلى الأسباب التقليدية الموروثة ، هناك أسباب مستحدثة ، بعضها يحتاج فعلاً لمصلحين إجتماعيين مختصين لديهم تجارب كثيرة تساعدهم على التوفيق والأصلاح لأولئك الذين قد أقتربوا من الأنفصال. وأهم هذه الأسباب هي :

    أـ سوء الأختيار وعدم الأنسجام مِن البداية.
    ب ـ عدم الأنسجام المتولد في منتصف الطريق او في نهايته.


    أـ سوء الأختيار وعدم الأنسجام مِن البداية:

    لأعزتي الشباب والشابات أقدم هذا البحث المتواضع عسى أن أوفق لخدمتهم وهم يستعدون للزواج ، ذلك المشروع الذي أعتنى به الدين الحنيف عناية فائقه والذي من شأنه أن يؤسس لحياة زوجية قوامها التفاهم والمحبة والتواضع ونكران الذات والأقتداء بالأولياء والصالحين ونبذ العرف الجاهلي البغيض الذي تشمئز منه النفس العفيفة وتنفر. قال الله سبحانه وتعالى : "يا أيُّها النّاسُ إنّا خَلَقْناكُم مِن ذَكّرٍ وأُنثى وَجَعَلناكم شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفوا إِنَّ أكرَمَكُم عِندَ اللهِ أَتقاكُم إِنَّ اللهَ عَليمٌ خَبيرٌ ". لقد جاء الأسلام ليعزز القيّم الأخلاقية لبني البشر والتي هي عامل مهم من عوامل سعادتهم في الدنيا والآخرة ، ويدحض الأعراف الجاهلية المقيتة التي تنخر بالمجتمع وتهوي به في مكان سحيق ، فهذا نبي الرحمة وإمامها ، الحبيب المصطفى ـ ص ـ يقول : " إنِّ اللهِ لاينظر إلى إلى أحسابكم ولا إلى أنسابكم ولا إلى أجسامكم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم ، فمن كان له قلب صلح تحنّن الله عليه وإنّما أنتم بنو آدم وأحبكم إليه أتقاكم ". فالفخر بالأهل والعشيرة والتفاخر بهما يولّد الكِبَرَ والتكبر مما يؤدي إلى إحتقار الآخَر والدخول في مخاصمات الغرض منها هو جعل ذلك الآخَر ضعيفاً وتابعاً في كل صغيرة وكبيرة. العلاقة إذا كانت من البداية بهذه الأفكار الضيقة فإنها لاتستمر طويلاً وتنهار بسرعة لأن مواد بنائها لم تكن صلبة رصينة. إنها لا تقاوم هبوب الرياح الشديدة لأن أساسها لم يُشّيد على نكران الأنا وخفض الجناح للآخَر. الزواج علاقة مقدسة تلتقي فيه القلوب والأرواح قبل إلتقاء الأجسام والأبدان. حبٌّ متبادل وتفاهم مشترك وتحاور مستمر من أجل مواصلة المسير والأستعداد لنقل هذا الحب والعطف إلى الأولاد لأن تربيتهم تبدأ قبل ولادتهم وهم لايزالون في بطون أمهاتهم وهذا ما يؤكد عليه علماؤنا الأعلام وذوو التخصص والخبرات ،تركتُ تفاصيله تجنباً للأطالة والتشعب وتماشياً مع قاعدة : " خيرُ الكلام ما قلَّ ودلّ ".
    مِن الأسباب المتعارفة التي تدخل تحت عنوان سوء الأختيار ،هو عدم الأختيار أساساً ، فكلاً من الشاب والشابة لا يعرفان شيئاً عن أخلاق وطبائع وصفات الآخر وإنما الأهل يتفقون مع بعضهم وينتهي الأمر ، في حين إن الشرع المقدس أوجب حقوقاً حتى للحيوان وأوصى بالرفق به ، فما بالك بالأنسان الذي كرّمه الله تعالى. كنتُ عند بعض المتزوجين لغرض التوفيق في الأصلاح بينهما ، فسألت الزوج عن كيفية إختياره لزوجته ، فقال لي شيئاً عجيباً ظننته مازحاً في باديء الأمر ، وهو أن أهل الزوجة قد إستبدلوها بأختها الأكبر سناً ليلة الزفاف ، ولكن المسكين أسرها في نفسه وإقتنع بواقع الحال ، فما هي إلآ بضعة أسابيع حتى بدأ الشلل يضرب تلك العلاقة التي قامت على الباطل ليتحول ذلك البيت إلى جحيم دائم. على العكس مِن ذلك هناك زوجة قد زوجوها أهلها لرجل أكبر منها سناً وهي لم تكن ترغب بالزواج أصلاً وإنما كانت تطمح بأن تواصل الدراسة وطلب العلم ، فوافقت على مضض ، لتجد نفسها فيما بعد إنسانة محطمة كوردة ذبلت قبل أن تتفتح ، تندب حظها المتعثر صباح مساء. إن الصدق والصراحة عاملان مهمان في الحياة الحرة الكريمة ويورثان التفاهم والأنسجام بين الزوجين. الزوجان اللذان يصدق أحدهما الآخر يشعران دائماً بالسعادة والأرتياح ، يعفوان ويتسامحان و يعيشان حياة هانئة مليئة بالود والعطف والمداراة .
    ما أجمل من أن يشعر المرء بأن مُحَدّثه الذي أمامه صادقاً وفيّاً !
    ما أجمل مِن ان يعرف الزوج بأن زوجته إذا أخطأتْ بحقه سوف تصارحه بذلك قبل أن تنام ليلتها !
    والعكس صحيح أيضاً.
    ما أجمل مِن تعرف الزوجة بأن زوجها سوف يسامحها ويغفر لها حينما تصارحه بخطأها !
    الأعتراف بالخطأ فضيلة
    عامل آخر من عوامل السعادة والأنسجام بين الزوجين ، وعكسه الأصرار على الخطأ والتنصل منه. أعرف زوجة صالحة عاشت مع زوجها عمراً طويلاً وأنجبت له العديد من الأولاد ، الذي لفت نظري هو أن هذه الأسرة تكاد تكون خالية من المشاكل ومنسجم بعضها مع بعض بشكل أثار فضولي، فسألتها عن سرّ ذلك فأجابتني بكل تواضع وثقة :
    " لم أعرف أحلى من طعم الأعتراف بالخطأ مذ علمت أنه من الفضائل . فكنتُ كلما إعترفتُ لزوجي
    بأخطائي ، أراني أكبُر في عينه وأراه يشعر بالخجل حتى أني في أمورٍ كثيرة لم أكن مخطأة ولكن مِن أّجْلِ سعادتنا أحسب ذلك من خطأي وأطاب منه المسامحة ". إن الخطأ يلازمنا جميعاً فلا أحدٌ منّا يدعي العصمة إلآ مَن عصمهم الله تعالى وطهرّهم وأذهب عنهم الرجس صلوات الله عليهم اجمعين. في قصة تلك الزوجة الصالحة الناجحة موعضة بليغة لاتحتاج إلى شرح وتعليق..
    طعّمتُ البحث المتواضع هذا بحوادث كنتُ فيها سامعاً وناظراً وذلك لأكتمال الفائدة لأنها من صميم الواقع الذي نعيشه وليست مجرد آراء ونظريات بحتة لاتصمد أحياناً عند أصطدامها بأرض الواقع الصلبة. من الطريف ذكره هنا أن عالِما نفسانيّاً ـ فاتني الساعة أسمه للأسف ـ قال :
    " كانت لدي ست نظريات حول تربية الأطفال أدرّسها في الجامعة ، والأن وبعدما أصبح عندي ستة أولاد لاأجد واحدة من تلك النظريات تنطبق عليهم ".
    الحكمة ضالة المؤمن
    عندما أردتُ الزواج نصحني أحد الأصدقاء أن أقرأ كتاباً عن الحياة الزوجية لأحد العلماء الأجلاّء ولكني رفضت ذلك وقلت له لاحاجة لي فيه ، يكفي أني كنت أدرس العلاقات الزوجية على أرض الواقع ومن غير كتاب ، ولكن ذلك الصديق الحميم أخذ يصر عليّ بقرآءة ذلك الكتاب ، فقرأته ووجدتُ فيه كلمة في غاية الأهمية فجعلتها من أولويات حياتي الزوجية وهي " كُنْ مُرَبيّاً لزوجتكَ ولاتَكُنْ مُراقِباً لها ".
    إنَّ مراقبة الزوجة وتوبيخها بإستمرار ينزع بهاء الأنسجام ويجعلها تشعر بأن جميع تصرفاتها تشبه تصرفات الحمقاوات. الشابة قبل الزواج هي بنت لأحد الأسر التي تتباين سلوكياتها وطرق نشأتها وأساليب تصرفاتها ، والكلام يصح على الزوج كذلك. فعلى الزوج أن يكون واعياً لهذه النقطة. كما أن للتعليم والتربية أدبيات وأخلاقيات يجب الألتفات إليها. إن رفضي لقرآة ذلك الكتاب النافع كان خطأً جسيماً ، وكم كنت أشعر بالندم على تلك الخسارة إن لم أقرأه.

    الكلمة الطيبة صدقة:
    كُنْ مربيّاً لزوجتكَ أو مُعَلّماً لها ، ولكن كيف..؟
    إنَّ الله شبحانه وتعالى يعلمنا كيف :
    " وقُلْ لِعِبادي يَقولوا التي هيَ أَحْسَنُ إنَّ الشَيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُم إنَّ الشَيْطانَ كانَ للإنسانِ عَدُوّاً مُبيناً "
    " أُدعُ إلى سَبيلِ رَبّكَ بالحكمةِ والمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجادِلهُم بالتي هِيَ أَحْسَنُ إنَّ رّبَّكَ هُوِ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبيلِهِ وَهُوَ أّعْلَمُ بالمُهْتَدينَ ".
    " وَلا تَسْتَوي الحَسَنَةُ وَلا السَيِّئّةُ آدْفَعْ بالتي هِيَ أَحْسَنُ فَإذا الذي بَيْنَكَ وّبّيْنَهُ عَداوَةٌ كّأَنَّهُ وَلِيٌّ حَميمٌ "
    هذه وغيرها مِن الآيات البيّنات تحثنا على الطيّب من القول وإجتناب التقريح والتجريح ، وكيفَ أنَّ الأنسان لو تكلم بالحسنى مع عدوًّ له ، لأصبح ذلك العدوّ من أصدقائه المخلصين. الكلام الليّن الطيّب يُلين القلوب وينعّمها ، عكس الكلام الفض الخشن الذي يقسي القلوب. إنَّ فرعونَ طغى في الأرض وعلا وقال كلاماً خطيراً جداً عندما قال أنا ربُكُمُ الأعلى ، ولكنَّ اللهَ أمرَ موسى وهارون أن يذهبا إليه ويتكلما معه بكلام ليّن ، لِما له من تأثير في القلوب. " آذهبا إلى فِرعَونَ إنَّهُ طَغى فَقولا لَهُ قَوْلاً لَّيّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَو يَخْشى ".
    ما أجملَ مِن أن يتكلم الزوج مع زوجته بعباراتٍ رقيقةٍ لطيفةٍ تغمرها بالفرح والسرور. !
    ما أجمل أن تداعب آذان زوجتك بكامات لها وقع جميل حين تطلب منها أن تحضر لك شيئاً ما !
    ذهبتُ لزيارة أحد الأصدقاء وكانت لديه طفلة ذات أربع سنوات ، فكان كلّما طلب منها شيئاً أسمعها كلمات جميلة مثل : مِن فضلِك ، إذا ممكن أن ، أعملِ لي معورفاً ، جزاكِ اللهُ خيرا ً ، سَلِمَت يَداكِ ، وما إلى من ذلك. سالتُهُ : وهل تعرفُ هذه الصغيرة معاني هذه الكلمات ؟
    فأجابني : المهم أنا أعرف معانيها.
    عرفتُ وقتها أنه يرّبي ويهذّب نفسهُ مع تلك الطفلة. يملأُ مسامعها بجميل القول وآداب الحديث.
    ما أجمل ذلك الوالد وما أسعد تلك البُنَيَّة !
    مما لاريبَ فيه أن الذي تُسْمِعه دائماً كلاماً جميلاً لاتسمع منه إلآ مثل ذلك إلآ مَن كانت أخلاقه منحرفة. فإذا أراد الزوج أن يسمع من زوجته ما يرضاه من القول فليبادر هو بذلك. إنَّ إضهار البشاشة للزوجة والتودد لها مِن شِيَمِ الرجال الشجعان لا كما يظن البعض بأنَّ الخشونة والفضاضة والقساوة المقيتة هي التي يجب إظهارها للزوجة كي تشعرها بأنّك رجل قويّ وشجاع.

    الكلمة الخبيثة:
    صديق آخر دعاني دعاني لتناول العشاء معه في البيت ، كان قلبُه أشبه ما يكون بالحجارة القاسيّة إن لم يكن أقسى منها. البيت يخيّم عليه جوّ من الكآبة والرتابة ، أولاده منعكفين في الغرفة ، ما أن خرجَ منها أحدهم حتى أمطره بكلمات نابيّة وتوبيخات عنيفة. حينما أحظرت الزوجة المسكينة الطعام بدأت المعركة. هذا الرز مالح ، هذا الحِساء بارد ، هذا الخبز يابس ، لا أظن أني سمعت كلمة طيبة واحدة قالها لتلك الزوجة. دنوتُ منه وحاولت إلفات نظره ، ولكني قد هالني ما سمعتُ منه :
    " أنا أعرف أن الرز ليس مالحاً وأن الحساء ليس بارداً ولكني كنتُ متعمداً بأن أسمعها كلمات السخط وعدم الرِضا كي لا تَغْتَر وترى نفسها...".
    عَرِفتُ وَقتها أنه يشقى ويشقي من معه ، يبخس حق زوجته ويظلمها بإسماعها ما لا يحبُ هو أن يسمعه.
    الصديق الأول ، رجلٌ سَويّ ، يبتسمُ حتى لِمَن لا يبتسمُ إليه.
    الصديق الثاني ، رجلٌ مريض ، لايبتسمُ حتى لِمَن يبتسِمُ إليه.

    إلفات نظر:
    إنَّ مجرد وقوف الزوجة في المطبخ لإعداد الطعام هو جميلٌ بحد ذاته ، إن إجادته فهي مشكورة ، وإن لم تجده فهي معذورة. وقد قال الشاعر :
    على المرءِ أّنْ يّسعى وليسَ عليهِ إلآ أن يُوَفَقا

    الوقت المناسب :
    أختياره مهم جداً ، فكم مِن كلامٍ قيل في غير وقته فسَبَبَ أذىً كثيراً. كَم مِن مَرّةٍ كان السكوتُ فيها أبلَغ من الكلام ، وخاصة حينما يكون الكلامُ متشنجاً وحاداً نابيّاً. أنا شخصيّاً تعلمتُ مِن إبنتي الصغيرة ذات السبع سنوات ، كيف أختار الوقت المناسب. أيقظتني هذه الطفلة ذات يوم في منتصف الليل وكنت متعباً مما حدى بيّ أن أنهرها ولكنها لم تقل لي شيئاً إلى مساء اليوم التالي وكانت تصرفاتها طبيعية جداً كعادتها. حينما إنتهيتُ مِن صلاة العِشاء وجدتها تجلس بالقرب مِن مُصلايّ والأبتسامة تعلو شفتيها.ظننتُ أنها تريد طلب شيئٍ ما ولكنها بادرتني بالقول بأني كنتُ قاسياً معها البارحة. أخجلتني هذه الطفلة كثيراً فقبلتها معتذراً طالباً منها العفو والصفح ولكني تعلمت منها شيءاً مهماً في الحياة : إختيار القول المناسب في الوقت المناسب.
    إنَّ الأسلام دين الحق والصدق والرحمة والتسامح ، دين الأنسانية بكل قيّمها الرفيعة النبيلة ، دين الأخلاق الفاضلة الرشيدة. فالمسلم هو مِن تحلى بهذه القيّم الروحية وتسلح بها وسعى لتطبيقها في حياته. كم واعظٍ قيل فيه ، ياليته إتعظَ بِوَعْظِه !
    كم عالِمٍ قيل فيه ، ياليته إستفاد مِن عِلْمِه !
    أن نعرفَ شيئاً لايكفي ذلك بدون أن نفعل ونعمل.

    مسألة مهمة :
    كثيرٌ مِن الشباب حينما يفكر بالزواج تراه يحاول جاهداً أن يوفر المال اللازم لذلك ويعتني جيداً بمظهره الخارجي ولكنه وللأسف الشديد ينسى أمراً في غاية الأهمية وهو عدم الألتفات إلى النفس وتهيأتها للعيش مع الأخر تحت سقف واحد فيما تبقى من العمر، في الوقت الذي يهيأ فيه مستلزمات البيت والأثاث.
    كان لأستاذي قطعة أرض واسعة ولكنه يعيش في بيت صغير المساحة، فسألته يوماً :
    متى سوف تبني تلك الأرض وتسكن فيها ؟
    فأجابني : متى ماأنتهيتُ مِن بناء الساكن. إن الأشتغال بالنفس والنظر في نواقصها يجب أن يكون في مقدمة الأمور لا في خاتمتها. الشاب الذي يكون بعيداً عن الله ، لايطيعه ولايخشاه ، لايشكره على جميل مِنَنِه وإحسانه ،ولا يصبر على قضائه. بل كان دائماً عبداً مقيداً لشهواته وهواه ، لايمكنه أن يكون زوجاً ناجحاً إن لم يهدم تلك الأفكار التي في رأسه ويبدأ ببناء أفكار تعينة على تهذيب النفس وإرشادها مستعيناً بالله تعالى على ذلك. قراءة القرآن الكريم وتدبر آياته والدعاء والتوسل بالنبيّ ـ ص ـ وبالأئمة مِن أهل بيته له بالغ الأثر في سلوك الأنسان. إنَّ اللهَ سبحانه وتعالى قد أدّبَ رسوله الأكرم ـ ص ـ بالقرآن، فقال ـ ص ـ : " أَدَّبَني ربي فأحسنَ تأديبي " ، ثم مدحهُ تعالى : " وإنَّكّ لَعَلى خُلُقٍ عَظيم ". وحينما بُعِثَ قال ـ ص ـ : " بُعِثْتُ لأتمم مكارم الأخلاق "
    إن مصاحبة الأخيار والصالحين والأستفادة مِن نصائحهم وتَوْجيهاتهم عامل آخر مِن عوامل النجاح والسير قُدُماً في طريق الزواج الذي لايخلو من إنعطافات ومَطبات. الزواج هو عقد شراكة بين الزوج والزوجة ينتج عنه تأسيس شركة إجتماعية ـ الأسرة ـ يرأسها الأثنان معاً تتباين أدوارهما وتتحد أهدافهما، فإذا كانت المقدمات لهذا العقد خاطئة فستكون النتائج غير صحيحة ، لِذا فإن سوء الأختيار إذا لم يُقَوَّم مِن البداية ، يَصعُب التغلب عليه بعدئذٍ ، فينعدم الأنسجام بين الزوجين وخاصة إذا ما وُجِدَ ـ وللأسف ـ مَن يصب الزيت على النار، وبغياب المصلح الذي يخاف الله تعالى والذي لاتأخذهٌ في الله لومة لائم ، يقع أبغض الحلال الذي لا نرجوه لِاَحد. عن الصادق ـ ع ـ أنه قال : " تزوجوا ولا تطلقوا ، فإن الطلاق يهتز منه العرش " . على أعزتنا الشباب والشابات أن يضعوا بالحسبان أن الزواج إلتزام ومسؤلية أخلاقية وليس فقط لأشباع غرائز أو لملأ جَوْف. إن الأختيار الحسن يجنبنا الكثير من الأختلاف والتباين في وجهات النظر والأفكار والتي من شأنها أن توتر الأجواء وتَخْطَف الأبتسامة وتورث الضجر والملل وتبعث على الندامة بإستمرار.

    إختيار الزوجة :
    مِن الأهمية بمكان أن يبحث الشاب عن الزوجة المناسبة والتي تتمتع بالأخلاق الحميدة والسيرة الحسنة ولايؤثرهما على الجمال والمال ، فالجمال يذبل والمال يزول أما الأخلاق فتمكث في النفس وتكون هي الزينة الحقيقية للمرء ، تلازمه في حركاتة وسكناته ، في حله وترحاله وفي معاشرته ومصاحبته للآخَرين. عن الصادق ـ ع ـ قال : " إذا تزوج الرجلُ المرأةَ لِمالها أو جمالها لم يرزق ذلك ، فإن تزوجها لدينها رزقه الله عز وجل مالها وجمالها ". إن المرأة الصالحة التي كانت تعتني دائماً بتهذيب أخلاقها وترويض نفسها على مرضاة الله تعالى وإلتزام أوامره وإجتناب معاصيه ، و ظفرت بالتربية الحسنة الفاضلة منذ نعومة أظفارها ، هي التي تستطيع أن تكون زوجة ناجحة وتتحمل أكثر من غيرها المصاعب والمتاعب ، تسرك حاضراً وتحفظك غائباً. لاترهقك في السّراء ولا تخذلك في الضرّاء. تخشى اللهَ فيك فلا تظلمك بفعل ولا تحزنك بقول..
    للحديث تتمة بأذن الله تعالى .

    محمد جعفر الكيشوان الموسوي



      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء يوليو 02, 2024 7:36 am