العودة للصفحة الرئيسية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مُجمع ألـزهراء ألأسلامي


    الطلاق.. لماذا ؟ // الجزء الثاني

    mohammed jafar alkeshwan
    mohammed jafar alkeshwan


    عدد المساهمات : 20
    نقاط : 63
    تاريخ التسجيل : 14/02/2010

    الطلاق.. لماذا ؟  // الجزء الثاني Empty الطلاق.. لماذا ؟ // الجزء الثاني

    مُساهمة من طرف mohammed jafar alkeshwan الجمعة سبتمبر 24, 2010 12:27 am

    قبل مواصلة الحديث من حيث إنتهيت في الجزء الأول ، أود أن أتوقفَ قليلاً إن لم أقف طويلاً عند ملاحظة مهمة وهي أني حينما أتعرض لمقومات أو معوقات الحياة الزوجية ، لست بمقام التوجيه والأرشاد أو إسداء النصيحة والموعظة وذلك لسبب بسيطٍ وهو أن العبد الفقير كاتب هذه الأسطر القلائل ما أحوجه إلى ذلك ، وكما قيل : " فاقد الشيءِ لا يُعطيه ". لم يمر عليَّ يوم إلآ وأكتشفت فيه ذلك الكم الهائل من الأخطاء والعثرات حتى أصبحت عبارة ، ياليت ، وياليتني لم أقل هذا ولم أفعل ذلك ملازمة لي في الأحوال كلها جميعا. لم أقل ذلك تواضعاً وإنما هذا ما أشعر به في قرارة نفسي حقاً ، ولله درُّ القائل : " المتكبر هو الذي يشعر أنه يتواضع دائماً ". عافانا الله وإياكم من التكبر الذي ليس هو رداؤنا. أحاول من خلال هذا البحث المتواضع أن أوفق في إجراء مقارنة بين نقاط القوة والضعف ، وعوامل السعادة والشقاء ، وأسباب النجاح والفشل في الحياة الزوجية ، من خلال واقعنا الذي نعيشه ، بعيداً عن الدفاع عن جنس معين دون آخر ، وإنما دفاعاً عن أعزتنا الشباب الذين هم في أغلب الأحيان يكونون ضحايا موروث قبلي وأسري قد أكلَ الدهرُ عليه وشَرِب ، ولايمت لدين الحق والحقيقة بِصِلة. الهدف من هذا البحث هو أن نتدارس أمورنا وأحوالنا ، نراجع تصرفاتنا ونحاسب أنفسنا ، أنا وانتَ ،هو وهي ، نَتَّبعُ ما حَسُنَ من قول ، وما صَلُحَ من عمل ، كي نحظى بحياة سعيدة في عاجل دنيانا وآجل أخرانا.



    إختيار الزوجة < تتمة >

    جاء رَجُلٌ إلى رسول الله ـ ص ـ فقال : " إنَّ لي زوجة إذا دخلتُ تلقتني وإذا خرجتُ شيّعتني وإذا رأتني مهموماً قالت : ما يهمك ، إن كنتَ تهتم لرزقك فقد تكفل به غيرك وإن كنت تهتم بأمر آخرتك فزادك الله همّاً ، فقال رسول الله ـ ص ـ : بشّرها بالجنة وقل لها : إنّكِ عاملة مِن عمّال الله ولكِ في كلّ يوم أجر سبعين شهيداً. عكس ذلك تماماً الزوجة التي تستقبل زوجها عند الباب وقد إدّخرت له كل ما من شأنه أن يزيده همّاً بهّم : لقد تعبتُ من أولادك الصغار ، لقد صرفت معهم جلَّ وقتي ، بدات أشعرُ بالملل منكم . أنا متعبة و مرهقة ، وما إلى ذلك من مكدرات الصفوّ ومجلبات الهموم . تصرفات كهذه تؤدي حينما تتكرر بأستمرار إلى نتيجة مؤسفة وهي أن الزوجة تبدأ بالهبوط من سُلَّم الجذب الذي يجب عليها أن تكون بارعة في أرتقائه ، بالأضافة إلى أنها تؤثر سلباً على أجواء بيتها لِتجعل منه مكاناً لأستراحة الهموم والأحزان بدل إستراحة النفس وسكونها. في أغلب الأحيان تكون هذه الزوجة مُتّبِعةً لأرشادات خاطئة من قِبَلِ نظيراتها أو صاحبات سوء يتربصن بها الدوائر. كنتُ يوماً في إحد الأسواق الشعبية ، حيث هناك العديد من بائعي الخضار والفاكهة وكلّ يحاول جلب عدد أكبر من الزبائن من خلال مناداتهم بصوت يقرب إلى الصراخ : اسعارنا مناسبة ، تخفيضات ، تنزيلات ، تعالوا وأنظروا... .

    الذي لفتَ نظري في ذلك السوق هو بائع الورد والزهور، لم ينبس بِبَنْتِ شَفَة ، وقد إستراح مِن عناء الصراخ وجلب الزبائن ، إن منظر الورد الجميل الرائع وعطره الفواح يجذبك إليه بشدة ويأسرك لتقف أمامه ساعات طويلة مستمتعاً بأجوائه العبقة. الزوجة الناجحة هي كتلك الوردة الجميلة تماماً تجذب زوجها بجمال أخلاقها الرائعة ، ورائحة كلماتها الفواحّة. كنت أستغربُ جداً حينما أسمع بحالات طلاق كنت أسميها شاذة وهي الطلاق الحاصل بين زوجين قد عاشا سوية ردحاً من الزمن ويُفترض أنهما قد جاوزا مرحلة الأنفصال بأمان ، كما يُفترض أنهما قد خَبُرَ أحدهما الآخر بشكل جيد ، ولكني بعد الدراسة والتمحيص وجدت أن الأسباب لذلك الطلاق لم تكن طارئة وإنما كانت عبارة عن تراكمات لسوء التصرف وعدم الأنسجام من البداية ، تشبه إلى حدٍ ما قطع الجمر تحت الرماد الكثيف ، لظروف معينّة بقت على ما هي عليه ـ سأتعرض لها في حينها ـ الفرق كبير جداً بين زوجة ترى ان من واجباتها الأخلاقية أن تكون سبباً في إدخال السرور على قلب زوجها وشحنه بكميات من الطاقة اللازمة لمواصلة مسيره في البناء والعطاء بكل ثقة وثبات ، وبين تلك الزوجة ـ أحيانا من حيث لاتشعر ـ التي تكون سبباً في جعل زوجها يعيش محبطاً قد إستنزفت كل طاقاته وقواه بأمور ليست بذي بال .



    القناعة كنز لايفنى :

    إفتقدتُ بعض الأصدقاء لمدة إسبوعين وكان حديث عهد بالزواج ، إتصلت به وأتفقت معه على موعد الزيارة. إستقبلني بكل سرور وأرتياح ، بادرته بأني أردت الأستفسار عن الحال ولكن الظاهر يدل على الرِضا وتمام الأنسجام. أجابني بأن الله قد منّ عليه بزوجة لايعرف كيف يجازي إحسانها بإحسان مثله. زوجتي هذه يا أخي هي هِبَةُ اللهِ لي ، فنحن نعيش في عصرٍ قد غَرِقَ حتى اُذُنيه بالماديات وحبِ القناطير المقنطرة من الذهب والفضة بحيث أصبح شعار بعضهم وللأسف الشديد : " الذي ليس معه فلساً لايساوي فلساً ". حينما تزوجنا وإنتقلنا إلى هذا البيت لم يكن لديّ ما أشتري به رغيفا واحداً فشعرتُ بالحرج الشديد من هذه الأنسانة وأصبحت في حيرة من أمري وبينما أنا كذلك وإذا بها تقول لي : إسمع أيها الزوج العزيز ، إني وجدت في المطبخ بعض البقول وأظن أنها تكفينا لعدة أيام ، فأرجوك أن لاتخبربذلك أحداً من أهلك أو معارفك. أيها الزوج العزيز ـ والكلام لا يزال لها ـ إنَّ مع العسرِ يسرا إنَّ مع العسرِ يسراً. زوجة كهذه يكون قلبها مطمئناً بأن الذي خلقها سبحانه وتعالى هو الذي يتكفل برزقها. قال الله سبحانه وتعالى : " وما مِن دابَّةٍ في الأرضِ إلآ على اللهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ في كِتابٍ مُبينٍ". وفي آية أخرى : " وَكَأَيّن مِن دابةٍ لا تَحمِلُ رِزْقَها اللهُ يَرْزُقُها وَغِيّكُم وَهوَ السميعُ العليمُ ". زوجة كهذه تكون كنزا لايفنى ، وعطاءً لاينضب ، زوجة كهذه تجعلك تقف أمامها بإجلالٍ وإحترام وأنت تشعر بأنها تحلّق بك عالياً في سماء المودة والرحمة ، بعيداً عن فتات دنياً عُرِفَت بتقلب أحوالها وإرهاق طلابها. إنَ على أعزتنا الشباب أن يبحثوا عن نقاط الجمال الحقيقية ولا يكتفوا بالجمال الظاهري الذي ينطبق عليه المثل القائل : " ظاهرُهُ مَليحٌ وباطِنُهُ قبيح " إن زوجة هذا الصديق العزيز تنظر إلى قلب زوجها ولا تنظر إلى جيبه ، إنها تريد أن تعيش معه حياتها وتواصل الرحلة إلى النهاية مهما كانت المطبات التي لاينجو منها أحد. إنها تبحث عن الجوانب المشرقة المضيئة دون التركيز على البقع الصغيرة المظلمة التي ستزول حتماً عند تعرضها لنور مصباح السعادة الحقة الدائمة. جاء في الأخبار أن النبيّ عيسى ـ ع ـ كان يمضي مع الحواريين فصادفوا عِجلاً ميتاً فأخذ يعترض الحواريون ، قال أحدهم : يالها مِن رائحة كريهة وقال الثاني لنذهب من هنا ، والأخر مضى مسرعا لكن النبيّ عيسى ـ ع ـ مضى بإطمئنان ووقار تام وألقى نظرة عليه وقال ما أبيضَ أسنانه. إنه درس أخلاقيّ في النظر إلى الأيجابيات وغض الطرف عن السلبيات التي تلازم الجميع ، أولهم وأكثرهم كاتب هذه الأسطر. إن سعادة تلك الزوجة هي شعورها بأنها هي التي كانت السبب الرئيس والمباشر في إسعاد زوجها. إنَّ مقولة : " قُلْ لي كَم تملك ، أقُلْ لك كم أنت سعيد " هي مقولة المفلسين أخلاقيا. إن شعار الصالحين الذين تنبض قلوبهم بالرحمة والمحبة هو : " قُلْ لي كم إنساناً أسعدتَ ، أَقُلْ لك كم انت سعيد ". الزوجة التي لا ترهق زوجها بالمزيد من الطلبات التي لا يقوى عليها والتي تحسن التدبير وتمتنع عن التبذير تكون بلا أدنى ريب في عِداد الزوجات الناجحات واتي سوف لن تندم يوماً مثل الأخريات اللواتي تجدهن صفرات اليدين قد أنفقن على زينتهن ما حوته يداهن ولم يدّخرن إلآ الندم والحسرة. إنَّ التراحم بين الزوجين يكون مقدمة وسبباً للرحمة الآلهية الواسعة. في حِجَةِ الأسلام التي توفقتُ لأدائها قبل عدة أعوام ، كنت أقف متأملاً جموع الحجيج والكل يبتهل إلى الله سبحانه وتعالى طلباً للرحمة والمغفرة والتوبة والستر والعافية ، بينما أنا كذلك وإذا بإمرأة وقور وقفت بجانبي وقد رفعت يديها قبالة وجهها وهي تردد : إلهي أناجيك من هذا المكان وفي هذا الوقت المتأخر من الليل واطلب منك السماح لكل مَن آذاني وظلمني بقول أو بفعل ، أطلب منك المغفرة لكل مَن إغتابني وبخسني حقي وأسمعني كلاماً جارحا ليس هو فيّ وإنما قد قاله في ساعة الغضب بحضور الشيطان الرجيم الذي إستحوذ على منطقه ولسانه بعد أن أنساه ذكر ربه العظيم. وتواصل تلك المرأة الصالحة الدعاء والمناجاة : إلهي إرحم تضرعي ووقوفي بين يديك ، تجاوز عن سيئات ما عندي بحسن ماعندك ، انت الرحمان الرحيم. لقد تعلمت مِن هذه السيدة الفاضلة درساً أخلاقياً مهماً وهو كيف نريد أن يسامحنا الله تعالى ونطمع برضاه وقلوبنا مليئة بالغل وعدم قبول عذر مَن أخطأ وزَل. الزوجة الصالحة تدعو لزوجها بظهر الغيب وتحب أن تراه اسعد زوج في هذه الدنيا وتظهر له الرضا والقناعة ، وتضمر له الود والمحبة والرحمة. لسانها ترجمان قلبها كما قيل. همس لي بعض الأصدقاء عن خصال زوجته التي لاتطاق ومنها أن هذا المسكين كلّما زار بعض معارفه وهي بصحبته أفسدت وقاره وجعلته يشعر بالدونيّة والفشل والأنكسار حينما تقارنه بغيره : أنظر إلى فلان قد إشترى لزوجته ملابساَ راقيّة ، أنظر إلى بيتهم كم هو جميل ومليء بالأثاث والفرش ، أنظر.. أنظر ، إلى أن ينتهي الأمر بالخصام والمشاجرة. أتذكر في سن العاشرة من عمري ، كنت مع صحبة أهلي في زيارة لأحد أرحامنا في مدينت النجف الأشرف وكان عندهم إبن متزوج ، فصادف أن بقينا عندهم إلى ساعة متأخرة من الليل وكان ذلك الأبن المتزوج لايزال خارج البيت وعنما جاء دخل ماشياً على أطراف أصابع رجليه مما أثار فضول والدي فسأله عن سبب ذللك ، فما كان من أهله إلآ أن يقهقهوا جميعاً لعلمهم بالسبب وهو عدم ايقاض تلك الزوجة التي لسانها أطول من قامتها واخلاقها اسوأ من خِلْقَتها. هل فكرت هذه الزوجة إلى أين هي سائرة ومتجهة ، هل تأملت قليلاً وإلتفتت إلى نفسها وأصلحت حالها قبل فوات الأوان ، قبل أن يتحول سلوكها إلى مَلَكَة تستقر في النفس ولا تغادرها إلآ بقدرة قادر. زوجة كهذه تسهم في جعل الزوج يقضي معظم وقته خارج المنزل ولا يحب أن يجالسها ناهيك عن الخروج معها لبعض الوقت. زوجة كهذه تكون العامل الأساس والمباشر في أنهيار الأسرة يوماً مهما كان الزوج لطيفاً ومتسامحا. كما ذكرت في الصفحة الثانية أعلاه بأن هناك حالات من الطلاق تأتي متأخرة وذلك لظروف معينة ، منها نفاذ صبر الزوج وعدم تحمل المزيد من جراحات اللسان وقبح البيان ، وكذلك من باب الرفق بالأولاد الصغار لأن الطلاق يشبه اليتم ، ومنها ما هو مضحك حقاً وهو عدم شماتة الحسّاد وبعض الأرحام الذين يختلفون معهم. فيعيش الزوجان بشكل مزيف يتظاهرون بالأنسجام والوئام ويبطنون عدمهما تماما. يراهم المرء سعداء وهم في واقع الحال أتعس التعساء. فما أن يكبر الصغار ويبتعد الأقرباء حتى تظهر للعلن تراكمات السنين الطوال وقد أخذ الدهر منها مأخذه بدون وقاية أو علاج. إن الحيطة والحذر من هذا المنزلق الخطير ـ سوء الأخلاق ـ يجنبنا الكثير من الهلكات والتبعات ، خاصة عندما نعلم بأن هناك بعض المشاكل لاتنتهي بالطلاق ، بل تستمر وقتا طويلا بعده ، بل أحيانا يكون الطلاق فاتحا لأبواب مشاكل أخرى لم يُحسب لها حساب ، كالأختلاف مثلاً فيما يخص النفقة وتكفل رعاية الأطفال وما إلى ذلك الذي ليس هو مدار كلامنا الآن.

    ملاحظة:

    مراعاة للقاريء الكريم وعدم أخذ المزيد من وقته الثمين سأكمل الحديث في الجزء الثالث بعون الله تعالى منوها بأن الحديث لايزال حول السبب الأول من أسباب الطلاق وهو : سوء الأختيار وعدم الأنسجام من البداية.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد يونيو 30, 2024 8:12 am