العودة للصفحة الرئيسية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مُجمع ألـزهراء ألأسلامي


    الطلاق.. لماذا ؟ // الجزء الرابع

    mohammed jafar alkeshwan
    mohammed jafar alkeshwan


    عدد المساهمات : 20
    نقاط : 63
    تاريخ التسجيل : 14/02/2010

    الطلاق.. لماذا ؟  // الجزء الرابع Empty الطلاق.. لماذا ؟ // الجزء الرابع

    مُساهمة من طرف mohammed jafar alkeshwan الجمعة سبتمبر 24, 2010 12:56 am

    الأنسجام لايعني كما أسلفنا عدم الأختلاف مطلقا. بل نكاد نقول أن التطابق التام في التفسير لكل مفردات الحياة الزوجية وما يطرأ عليها من مستجدات، يحول دون المضيّ قُدُما في الأبداع وإبتكار الحلول المناسبة التي ترضي الطرفين بعد المناقشة والدراسة المستفيضة لمواضع الخلل ونقاط الضعف.إننا نعلّم وندرب ونشجع الأولاد الصغار بأن يختاروا بأنفسهم حقائبهم المدرسية ولعبهم الخاصة.أن يعتمدوا على أنفسهم في إختيار المناسب والأصلح، اما نحن فسوف نتدخل حينما نراهم قد أساؤا الأختيار. من الطريف أن أذكر هذه الحادثة، خرجت مع ابنتي الصغيرة قبل عدة ايام لشراء لعبة أعجبتها. إكتشفتُ خَللا في تلك اللعبة ولكني لم أقل شيئا لأنها لم تستشرني، وإنما طلبتْ مني أن أدفع ثمنها. إشتريتها لها دون أن أشيرَ لذلك الخلل، وتركتها لتكتشف هي بنفسها ما إختارته، لأنها تنقصها التجارب العملية. فرحتْ كثيرا بتلك اللعبة، اما أنا فكنت أقول في نفسي: يابنيتي أنت قد إرتكبتي خطئين في نفس الوقت. أولهما أنك قد اسأتي الأختيار، وثانيهما أنك لم تشاوريني بذلك. بعد يومين جاءت الطفلة الصغيرة وبيدها اللعبة وقد إنتزعت تماما، فقلت لها : لم تطلبي مني المساعدة حين الشراء، بهرتك ألوانها، فغابت عنك عيوبها. لو إستشرتي أباكِ، ما خاب مسعاكِ. إذا كان الأسلام يحث أتباعه على الأعتناء بالصغار وعدم بخسهم حقوقهم، وأول وأهم حق بعد أن نحسن تسميتهم ، هو أن نحسن تربيتهم. اقول إذا كان هذا حق الأولاد،فكيف نبخس حق الكبار في الرأيّ والتعبير، او نسمعهم كلمات تخدش مشاعرهم. إن مقولة البعض لزوجاتهم : " أحبك لأني احب أولادي " فيها تجريح وتقريح لمشاعر تلك المخلوقة التي تركت بيت اهلها الأول وكانت فيه معززة مكرمة، وقبلت أن تشترك معك أيها السيد العزيز في السرّاء والضرّاء، وربما إرتحلت يوما بعيدا إلى ديار لاناقة لها فيها ولا جمل، وإنما وضعت رِجلها برِجلك. إن شعار المحبين المتحابين الذي تأنس به القلوب وتُسر له الأسماع هو : " أحب أولادي لاني أحبك ". فأنتِ كنتِ قبل الأولاد وستبقين بعدهم. سيذهب الأولاد يوما، يتزوجون ويعيشون مع زوجاتهم وتكون حياة الزوجين بعد ذهاب الأولاد، عَوْدا على بِدأْ. يرجعان لوحدهما كما كانا، إن التفاهم والتحاور بين الزوجين، ليس بالضرورة أن تكون الأراء فيه متطابقة تماما. بل إن التطابق التام وبإستمرار في كل شاردة وواردة، في كل صغيرة وكبيرة، أيّ لانقاش ولا حوار ولا رأيّ حتى لو كان سديدا، يؤدي إلى التبعية المقيتة والتي تقضي تماما على روح الأبداع والرقي والتطور العقلي والفكري، والتبعية المقيتة هي نوع من أنواع الأستعباد الفكري بين الزوجين وإن أختلفت مسمياتها. ذهبت مرة في مرحلة الدراسة الأعدادية في النجف الأشرف مع أستاذي لزيارة المولى أبي عبد الله الحسين عليه السلام. كنتُ كلما سألني : ماذا تفضل أن تأكل؟ أجيبه : الذي تراه مناسبا. من أيّ باب تحب أن ندخل الصحن الشريف ؟ أجيبه : كما يحب جنابكم. هل تفضل المشيّ أو الركوب ؟ أجيبه : الذي تفضلونه. تنفس أستاذي الصعداء وقال لي : كنت أحسبك رفيقا في سفري، تشاركني الرأي إن أصبت، تنصحني إن أخطأت.أنيسا في وحدتي، مقيلا لعثرتي، . قلت له : يمنعني من ذلك علو مقامكم وكبر سنكم وغزير علمكم. ردّ عليّ : إن الأستماع والأصغاء للأبناء يحفزهم على كسب الثقة بالنفس، كما أنه يحرّك دفائن عقولهم، وينمي قابلياتهم على التفكير والأستنتاج.

    التبعية المقيتة هي ليست الطاعة التي حثّ عليها الدين الحنيف، لأن الطاعة عكسها المعصية، والعبودية عكسها الأنسانية بكل قيمها السامية التي فطر اللهُ الناسَ عليها جميعا. عن سيد البلغاء أمير المؤمنين ـ ع ـ قال : " متى إستعبدتم الناسَ وقد ولدتهم أمهاتُهُم أحرارا ". أن الفهم السيء والقراءة الخاطئة لتلك المفردات يجعل البعض وللأسف موضع نفور الآخرين منه، وعدم هضم ما يبديه من آراء لأنها تأتي دائما مخالفة ومختلفة عن أراء وتوجهات الطرف الأخر، إن هذا البعض يريد الظهور إلى السطح لأثبات وجوده طبقا لقول " خالِفْ تُعْرَف. وهذا ما لاأعنيه في سالف القول. إن الأستبداد بالرأي وتقديمه وتفضيله على سواه من آراء الذين نعيش معهم أو نرافقهم في سفر أو حضر، هو نوع من أنواع التكبر متأتيا من الكبر وحب النفس والأعتداد بها { ساتوقف عنده لاحقا }. كما أن عدم إبداء الرأي واللامبالاة بإستمرار يدل على ضعف الشخصية وعدم إكتمال الثقة بالنفس، متأتية من الجهل وعقدة النقص والحقارة منذ الصغر لسوءٍ في التربية أو لتلقي إشارات غير صحيحة من أبوين قد غرِقا حتى أخمص قدميهما بالمشاكل التي رأيناها دائما والتي ماكانت لتكون لو وُجد المصلح الذي يخشى الله فيهما. كالأختلاف مثلا على لون الستائر، وإعداد الطعام وغيرها من { الخزعبلات }. بربكم أيها السادة معشر الأزواج، هل من المنصف حقا أن تقضي الزوجة ذلك الوقت الطويل وهي واقفة شبه منحنية الظهر في المطبخ وبعدها يكون جزاؤها : هذا مالح وهذا بارد وهذا .. إلى أن يؤدي ذلك إلى نشوب حرب معها. أين نحن من "هل جزاء الأحسان إلا الأحسان ". بربكن أيتها السيدات اللاتي توصفن برقة المشاعر، هل من المنصف حقا أن يأتي الزوج إلى البيت بعدما قضى ساعات طويلة من العمل المضني، وهو يحمل بيده هدية أبى أن يقابل زوجته عند الباب بدونها وبعدها يكون جزاؤه : لقد أسأتَ الأختيار، ألم تعرف ذوقي ومشربي ؟؟ سؤلان الأجابة عنهما بدون مراجعة ومحاسبة وتقييم تصرفاتنا تكون ناقصة ومضيعة للوقت..

    زوجتي لا تحسن إعداد الطعام، لكنها تحسن الأدب والأحترام، وهذا أهم.الطعام الجيد ينتهي التلذذ به بعد أكله بلحظات، أما المداراة فتمكث طويلا. الزوج الناجح هو الذي يأكل بشهوة عياله كما جاء في الخبر.إذا كانت الزوجة ـ أو الزوج ـ لايحبون نوعا معينا من الأكل. كن ايها السيد المحترم معهم، هذا لايضر، هناك أصناف أخرى من الطعام تناسب الجميع.أنا أحب السمك ولكن زوجتي تتضايق من رائحته. كم يكون جميلا لو تركت أكل السمك وبحثت عن بديل مشترك. أيتها السيدة الزوجة إلى متى تبقين تنظرين بعين السخط وعدم الرِضا إلى زوجك لأنه لم يشترِ لك الأساور والقلائد الذهبية كما يفعل بقية الأزواج. ما قيمة المقتنيات الثمينة بدون المداراة الجميلة، أما أنها لو اجتمعت، فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

    ما اجمل الدين والدنيا إذا إجتمعا وما أقبح الكفر والأفلاس في الرجلِ



    حتى في عَرَفَة !!!

    كنت في الحج مع إحدى الحملات، وكنا قد ذهبنا إلى عرفة وكان معظم الحجاج من الرجال. عندما حان موعد الغداء بدأ الحجاج يصرخون بوجه صاحب الحملة ـ الذي لم يكن كريما وقتها ـ ويستنكرون رداءة الطعام.توجهت إليهم بعدما رايت الأمر قد بلغ ذروته ولا يمكن السكوت عنه : أيها السادة، أنا أسلّم معكم أن الطعام رديء،ولكن هناك أهم منه. لقد جئنا لنتزود بطعام آخر. أيها السادة أنتم في عرفة، والحج عرفة كما جاء في الخبر. إغفروا زلة الرجل، يُغفر لكم،أدعوا له بالمزيد من التوفيق لأن الذي لا يخدم الحجيج يعني انه لم يوفق لذلك الشرف العظيم. لم أكمل حديثي بعد وإذا بصاحب الحملة الذي كان قبل قليل يتشاجر معهم، وقف إلى جانبي وبدت علامات الندم والخجل واضحة على وجهه. خاطبهم : أنا أعتذر لله ولكم، سامحوني، سأعوضكم عن ذلك مهما كان الثمن. وفعلا فقد أستاجر سيارة وسط ذلك الزحام وذهب كالبرق وأشترى طعاما جاهزا وعاد به إليهم. هل غفر الأزواج الأعزاء زلات زوجاتهم على إعتبارهن بشر ولسن من جنس الملائة. والخطأ كما أسلفنا ملازم لجميع بني البشر إلاّ من عصمهم الله تعالى وأذهب عنهم الرجس صلوات الله عليهم أجمعين. بالمقابل كم أسيء لهؤلاء المعصومين، وكم غفروا. إنهم لم يغضبوا قط إلاّ لله، والحوادث جمة لايسمح المقام هنا لذكرها كاملة. نحن الذين ندعي الأقتداء بهم، هل حذونا حذوهم. إن حبهم والبكاء على مظلوميتهم لايكفي أياها السيدات والسادة ، بدون إطاعتهم. لقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بذلك : " يأيُها الذينَ آمنوا أطيعوا اللهَ وأطيعوا الرسولَ وأولي الأمرِ منكُم .. ". كما أن التمسك بحبل ولائهم لايكون إلا بأتباع نهجهم والأقتداء بافعالهم واعمالهم.

    قالوا غدا نأتي ديار الحِمى ويَنْزِلُ الرَكبُ بِمَغْناهُمُ

    فَكلُّ مَن كانَ مُطيعا لهُمْ أصبحَ مَسرورا بِلُقْياهُمُ

    قُلْتُ فَلي ذنبٌ فما حيلتي بـــــــأيّ وجهٍ أتلَقاهُمُ

    قالوا أليسَ العفوُ مِن شأنِهِم لا سيما عمن ترَجّاهُمُ

    فَجِئتُهُم أسعى إلى بابهِم أرجوهُمُ طَورا وأخْشاهُمُ



    الشاب الواعي مرة أخرى :

    إلتقيت مصادفة بذلك الشاب الذي حدثتكم عنه في الجزء الثالث من هذا البحث المتواضع، إلتقيته بعد مدة من الزمن وكان الوقت متأخرا بعض الشيء مما أثار فضولي لأسأله : أعرف أنك تكون في البيت في مثل هكذا وقت. أرجو أن يكون المانع خيرا ؟

    أجابني بعد جملة من الأطراء والمجاملة : لا أخفيك سِرا أني فعلا لست على ما يرام فقد وجدت نفسي منزعجا عند إنتهاء العمل ولم أحب أن أقابل زوجتي التي هي في إنتظاري بذلك الوجه المكفهر. إتصلت بها وقلت لها إني سوف أذهب لأحد الأسواق لأشتري لك شيئا جميلا تسعدين به. قاطعته قائلا : ما أراك تحمل شيئا بيديك. أجابني بإستغراب : كيف خفي عليك فهمي. إني أردت أن يهدأ روعي ولا أقابلها إلا كما إعتادت عليه، ولهذا تراني أدور في هذا المكان. قلت له مازحا : لاتثريب عليك، يمكنك الذهاب فأنت الآن مؤهل لدخول المنزل. إنصرفتُ عنه وأنا أردد هذا البيت من الشعر:

    هي الأخلاق تَنبُتُ كالنباتِ إذا سُقيَتْ بماءِ المُكْرَماتِ

    أين الشباب من هذا الشاب، أين روح الشباب، وقابلية الشباب، وصبر الشباب وتحمل الشباب.أنتم أيها الشباب عماد المجتمع وسادته اليوم غدا. إن كنتم بخير فنحن جميعا أيها الأعزة بخير. أتعجب كثيرا وأعتب على المصلحين المرشدين الذين صبوا كل إهتمامهم وكرسوا جلَّ وقتهم لوعظ من فاته الوعظ.لله درُّ القائل : أبَعْدَ شيبي تبتغي عندِيَّ الأدَبا ،وأغفلوا الشباب. إنّ مرحلة البناء كما تعلمنا في الهندسة تبدأ من الأساس، فمتى ماكانت الدعائم صلبة ومتينة وتضرب بجذورها أعماق الأرض، كلما كان البناء شامخا، لا تهزه الهزائز ولا تؤثر فيه العواصف. يضع المهندسون مجسات معدنية فوق أسطح البنايات،وكذلك أظافر معدنية عند أجنحة الطائرات، وسلاسل معدنية تتدلى إلى الأرض عند مؤخرة السيارات. كل هذه الأستعدادات هي لتسريب الشحنات التي تتولد في الجو، كي لا تلحق ضررا بالبناء وساكنيه. أو بركاب الطائرة أو السيارة. أين ياترى مجساتنا الأخلاقية التي يجب أن نحملها على الدوام معنا، لتسريب شحنات التوتر والأنفعال والغضب والسخط والأستياء. على الأساتذة الأجلاء الذين يتسلقون أعواد المنابر، وكثيرٌ ما هُم، أن يلتفتوا إلى هذه النقطة. أن يتوجهوا إلى أعزتنا الشباب ويتحدثوا معهم بما ينفعهم وينفعنا جميعا، بدل تلك المحاضرات التي نشعر بها أحيانا أنها إضاعة للوقت. إننا لسنا بحاجة إلى خطيب يستهلك وقتنا بالحديث عن ترهات غرف الدردشة وفضلات الأنترنت. إننا بأمس الحاجة إلى خطيب واعظ نستمع إليه ونتحدث معه. لا أن نستمع إليه وحين ينزل من تلك الأعواد تكون الأرض قد خسفت به. أكرر ثانية بأني لست بموقع إسداء النصائح والأرشادات، فما أحوجني إليها، ولكن من باب " كُلكم راعٍ وكُلكم مسؤلٌ عن رعيته ". أعرف أحد الخطباء كثّر الله من أمثاله، حين ينتهي من المحاضرة، يقوم بتوزيع قصاصات الورق على المستمعين ويطلب منهم أن يرشدوه إلى أخطائه. إنه يوزع تلك القصاصات خشية أن يخجل البعض من إبداء رأيه مباشرة، ثم يأخذها معه لدراستها ولكي لاتتكرر الأخطاء ـ إن وُجدت ـ مرة أخرى. أنه لايريد أن يكون مغترا بجلوسه شبرين أعلى من المستمعين. أين ياترى الخطباء من هذا الخطيب. الذي يرى وهو على قمة الجبل الناسَ الذين في الوادي أصغر من كثيرا،عليه أن يتذكر بأن أولئك يرونه أيضا صغيرا جدا.



    مكان مَن لايعلم :

    كان أحد العلماء الأساتذة منشغلا بتدريس طلابه من العلماء أيضا. بينما هو كذلك إذ دخل عليه أحد المهرجين وأراد إحراجه أمام الطلبة، سأله سؤلا فلم يعرف ذلك العالم الأجابة عليه. فقال له : لا أعلم.

    فقال المهرج : إذن كيف تجلس في هذا المكان وهؤلاء يستمعون إليك، ويواصل المهرج : هذا مكان مَن يعلم وليس مكان مَن لايعلم. فردّ العالم قائلا : ويحك إنما هذا مكان مَن لايعلم، أما علمتَ أن الذي يعلم لامكان له.يعني به الله سبحانه وتعالى فهو لايحد بمكان. إن النظر إالى النفس وإعتبارها تجهل الكثير هو الذي يجعلها تكسب المزيد من العلم والتقى. " وفوقَ كلِّ ذي عِلمٍ عليم "





    إختيار الزوج أو القبول به < تتمة >

    تحدثنا فيما مضى عن بعض المؤهلات التي ينبغي على الزوجة أن تمعن النظر فيها قبل قبولها بذلك الشاب الذي يتقدم لخطبتها. في هذا الجزء المختصر نواصل الحديث عن بقية تلك المؤهلات التي إن وُجِدَت في الزوج فستكون بمثابة الوقود الذي يزود الزوجة بمزيد من الطاقة والشحنات الحيوية لتستمر هي بإنارة البيت، مبددةً بذلك عتمة الهموم والكآبة وما ينتج عنهما من تشنجات تؤدي المغالاة فيها إلى طريق الفراق والطلاق. إن التأكيد على التربية الحسنة منذ الصغر أراه أمرا لابد من الأشارة إليه في كل مناسبة نتكلم فيها عن الحياة الزوجية، كما أن زراعة الأخلاق تحتاج لمزارع بارع، قليل الكلام، كثير العمل. أنا لم أجد مزارعا بارعا قد نطق بحرف واحد عندما يضع تلك البذور في التربة. إنه يتصبب عرقا وبيده ألات الحرث والزرع، رافعا رأسه إلى السماء وكأنه يناجي ربَّه تعالى قائلا : إلهي أنت الذي شددت أزري وقويتني ومنحتني الطاقة والعافية وأنا أضع هذه البذور، فهل أكرمتني يإلهي بالثمر النضر وقررت عيني به. إن كلمة ـ البارع ـ هذه، هي محط رحالنا في هذا الجزء المختصر، ونحن نعيش وللأسف الشديد في عصر قلَّ فيه المزارعونَ وكثُرَ فيه الحاصدون، قلَّ فيه العاملون وكثُرَ فيه الواعظون، وليت شِعري ما قيمة العلم بدون العمل. أننا نعتني بكتاباتنا ومقالاتنا ، نختار لها العناوين التي تجذب المزيد من القرَاء والمعلقين المادحين المجاملين ونرد عليهم بعبارات الشكر والثناء، وهذا حسن. لكن ما قيمة كتاباتنا إن كانت هي للكتابة فقط، ولكي نسمع دائما : أحسنت، وبارك الله فيك. ونتأثر أحيانا إذا قيل لنا احسنتم، ولم نرد على هذه الـ " أحسنتم " بـ " أحسن الله إليكم " أيها السادة لنحتسب أعمالنا خالصة لوجهه الكريم . إن مليون كلمة شكر من أمثال العبد الفقير لا تساوي عشر حسنة يكتبها الله لكم. أيها السادة لنفعل الخير وننصرف ولا نلتفت يمينا وشمالا بحثا عن كلمات الأطراء والمجاملة. إن جهودكم عظيمة أيها السادة وكلمة الشكر من العباد قليلة بحقها مقارنة بـتقبلها من الله بقبول حسن، بالمقابل كم ستكون عبارة أحسنت جميلة حقا وتشعرنا بالسعادة الحقة لو قيلت لنا بعد عمل إنسانيّ أنجزناه، كي لانكون من الذين خاطبهم الله تعالى بهذا الخطاب : " ياأيها الذين آمنوا لِمَ تقولونَ ما لاتفعلون كبُرَ مَقْتا عند اللهِ أن تَقولوا ما لاتفعلون ". إن الله تعالى قد حثنا على العمل الدؤوب، ونهانا عن التقاعس والتكاسل والتثاقل، لأن ثمرة الأعمال الطيبة يجنيها المجتمع بأسره.قال الله تعالى في محكم كتابه المبين : " وقلِ آعملوا فسيرى اللهُ عملكم ورسوله والمؤمنون ". إن الله في آيات عديدة قد قرن الأيمان بالعمل الصالح. بعض هذه الأيات :

    "...مَن آمن باللهِ واليومِ الآخر وعمل صالحاً فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون "

    " ومَن أحسنُ قولاً ممن دعا إلى اللهِ وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين "

    ".. إليهِ يصعدُ الكلِم الطيبُ والعملُ الصالح يرفعُه "

    " ومَن يأتهِ مؤمناً قد عملَ الصالحات فأولئك لهُمُ الدرجات العُلى "

    هذه وغيرها من الآيات الشريفات تحث المؤمن على العمل الصالح، الذي ينفعه وينفع به.



    جزاك اللهُ خيرا :

    يقول أحد العلماء الربانيين، الذين أنار اللهُ تعالى قلوبهم وأبصارهم : أنا لم أبلغ شيئا لكن إذا إستطعت أن أخدم الأسلام فلسببين. أحدهما موضع الشاهد في حديثنا : كان لدي في النجف الأشرف زوجة عمياء عجوز. كنت حتى آخذها إلى الحمّام بنفسي وكنت أحملها على ظهري وأصعدها إلى السطح. وكنت أطعمها بيدي وأطبخ لها الطعام وكانت تقول لي : جزاك اللهُ خيرا. إن عبارة زوجة هذا العالم الجليل لم تكن للمجاملة والأطراء نتيجة كلام أراد من خلاله أن يداعب أسماعها فقط. إنها دعوات خالصة ومخلصة لجميل صنعه وحسن رعايته. أي أسال ربي جلت قدرته أن يكتب لك مقابل خدماتك هذه، أضعافها من الحسنات، في يوم ترى فيه المسيئين يتمنون شراء الحسنات بكل ما يملكون، ولكنهم في الواقع لايملكون شيئا سوى تبعات أعمالهم السيئة. إن أرصدتهم فارغة تماما في عرصات الأخرة لأنهم لم يحسنوا الأدخار لمثل هذه المواقف الحرجة.



    الشيخ الكبير يحاسب نفسه :

    كنت لاأزال صغير السن في مدينة النجف الأشرف وقد ذهبت إلى بيت أحد أرحامنا وكان أبوهم شيخا كبيرا طاعنا في السن. دخلت البيت وكان الوقت أول الليل فوجدت ذلك الرجل يتلوى وقد أحمرت عيناه من كثرة البكاء، لايهدأ له بال، ولايقر له قرار.ظننت أن مكروها قد أصابه ، أو نزلت بذلك البيت لا سمح الله نازلة. سألت أحد أبنائه وكان من أترابي : ماذا حلّ بكم، ما الخبر؟

    أومأ إليه أبوه أن أسكتْ. تقدمت نحو ذلك الشيخ ـ الرجل الكبير السن ـ وأقسمت عليه أن يخبرني.أستجاب لي رأفة بي عندما رآني أقف حائرا أمام ذلك المشهد وأنا الصغير سنا وعلما وأدبا : مِن عادتي يابنيّ أن أصلي صلاة الظهر قبل أن أتناول الغداء، إلاّ أنني اليوم كنت أشعر بالجوع فقدمت الطعام على الصلاة، وحيمنا إنتهيت من ملأ جوفي قلت " أسدح قالبي " على تعبير أهل النجف وقتها، أي أستلقي بعض الشيء وأسترخي دون النوم العميق، وإذا بيّ أنام إلى العصر وقد فاتني وقت الصلاة، وبينما هو يقص عليّ ذلك وإذا به يختنق بعبرته، وترتعش شفتاه المبتلتان بدموعه الغزيرة، يرفع يديه إلى السماء ويخاطب المولى الكبير المتعال :" فلم أرَ مولىً كريما أصبر على عبدٍ لئيم منك عليّ يارب". إلهي أنا سوف أحاسب نفسي وأصوم لوجهك الكريم ثلاثة أيام كفارة فعلتي هذه، فلا طاقة لي على عقوبتك. تجاوز اللهم عن سيئات ما عندي بحسن ما عندك. تماسك الرجل وحاول التحدث معي مرة أخرى قائلا : كيف لي أن أحثك على الصلاة وأنت الحدث الصغير وترى بعينيك شيخا طاعنا في السن يقدّم حق بطنه على حق ربه. أخذت الموعظة البليغة والنصيحة والدرس وأنصرفت. بعد أيام إلتقيت بذلك الأبن وسألته عن أحوالهم وكذلك عن والده هل نام الظهر بعد ذلك اليوم. فأجابني أن والده أخذ حينما يغشاه النعاس يضع الملح في عينيه كي لا ينام قبل الصلاة ويقول : أستحي من ربي أن اعود لمثلها، فإن كان ربي قد أكرمني بالتوبة وقبلها مني وعدت لمثلها، فأكون كما يقول الشاعر: وإذا أنت أكرمت اللئيم تمردا. وإن لم يعفو عني فبإستحقاقي" وما كان ربك بظلاّمٍ للعبيد ". فهل ياترى راجعنا تصرفاتنا وأفعالنا قبل فوات الأوان ؟ الأجابة على هذا التساؤل تستدعي المراجعة لكل ساعات النهار، قبل أن نخلد إلى النوم في الليل وهناك من ظلمناه بقول أو بفعل. لنتصل به ولو كان الوقت متأخرا، إنه يتألم ولا زال مستيقضا، نعتذر منه ونطيّب خاطره، ليس هذا تنازلا ولا ضعفا. أنّ هذا أيها السيدات والسادة، من الطيّب من القول الذي يصعد إلى السماء، ومن العمل الصالح الذي يرفعه الله تعالى.



    الشجاعة والكرم :

    على الشابات أن يفكرن جيدا بهذا المطلب الأخلاقي، فهناك من الصفات التي لايمكن تجزئتها. بل تكون إحداها ملازمة للأخرى، فلا يمكن أن يكون المرء شجاعا وبخيلا بذات الوقت، ذلك أن الكرم هو ضرب من ضروب الشجاعة. الكريم لايخشى الأنفاق أبدا، ولايخاف الفقر مطلقا. بل يتحداه بكل ما أوتي من مال وأخلاق، لأن سوء الخلق هو من البخل المذموم، والبخيل من يبخل بالسلام. الشجاعة لاتعني فقط القوة الجسمانية وعدم الخوف في المعارك. بل تتعدى هذا المعنى المحدود إلى فضاءات واسعة في غاية الأهمية وهي شجاعةالأنفاق و شجاعة الأعتراف بالخطأ وشجاعة قول الحق ولو على نفسه. الزوج الكريم تعيش معه الزوجة بسرور ورضا تامَيْن. تراه يبادر لشراء مايلزمها قبل أن تطلب منه ذلك. وكما جاء عن أئمة أهل البيت عليهم السلام بهذا المعنى : " الجودُ ماكان إبتداء، وأمّا عن مسألة فحياء وتذمر ". كما إننا نقرأ بالمأثور من الدعاء حينما نناجي أكم الأكرمين :" يامبتدأً بالنعم قبل إستحقاقها، يارباه ياسيداه .. ". الزوج الكريم لا تستطيع الزوجة أن تطلب منه شيئا يوما ما ،لأنه يبادر من تلقاء نفسه ويكون سبّاقا لقول وفعل الخير الذي جُبِلَ عليه. إن البخل ومن خلال ملاحظاتنا المتكررة لحالات الطلاق المتزايدة وجدناه عاملا هدّاما للأسرة، يجعل الزوجة تعيش وضعا نفسانيا صعبا وخطيرا جدا. إن غياب الورع والتقوى عند الزوجة إذا ما قابله البخل واللؤم عند الزوج، يؤدي إلى ما لا تُحمد عُقباه حقا، وربما يؤدي إلى نتائج غير طيّبة، يكون الطلاق أهونها وأعفها.



    التواضع :

    هو أساس رفعة المؤمنين. فلا يمكن للمرء أن يكون مؤمنا ومتكبرا في آن واحد. ذلك أن الأخلاق السيئة تكون أيضا متلازمة، كما أن بعضها يكون سببا لتحصيل آخر. جاء في الخبرعن رسول الله ـ ص ـ أنه قال : " لا يدخل الجنّة مَن كان في قلبه مثقالُ ذرَّةٍ مِن كبر ". إن الكِبرَ هو المصنع الأول والمسؤول المباشر عن إنتاج أسلحة الدمارالشامل في المجتمع، ورأس الحربة في هذا السلاح الذي يفتك بصاحبه هو التكبر. الكِبرُ شعور داخل النفس يحملها على العزة والعظمة. قال اللهُ سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز: " إنْ في صُدُورِهِمْ إلآ كِبْرٌ مَّا هُمْ بِبالِغيه ". إن المتكبرين لن يبلغوا إلاّ مقاما واحدا فقط مهما صعروا خدودهم، وأختالوا في مشيهم، فلن يصلوا إلاّ إلى جهنم بما جنوه على أنفسهم. قال اللهُ تعالى : "فآدخُلُوا أبوابَ جهنّمَ خالِدين فيها فَلَبئسَ مّثوى المتَكَبّرين". آهٍ ثم آهٍ لوعلم المتكبر، أنه ينازع مَن على ذلك الرداء الذي يريد أن يلبسه. آهٍ لو علم المتكبر بما يجنيه على نفسه. يقول النبيّ عيسى على نبينا وآله وعليه السلام : " إنَّ الزرعَ ينبتُ في السهل ولا ينبت على الصفا، كذلك الحكمة تعمُرُ في قلب المتواضع ولا تعمرُ في قلب المتكبر، ألا تَرَونَ أنَّهُ مَن يتشمَّخُ برأسه إلى السَقْفِ شَجَه، ومَن يُطأطيءُ أظلَهُ وَأكَنّه ". إن العُجب بالنفس أو بالعلم أو بالأيمان والعبادة أو بالمنطق وفصاحة البيان أو بالتصدق والأحسان أو بالحسن والجمال أو بالحسب والنسب أو بالغنى والثروة أو بالصحة والعافية وغيرها من نِعم الله تعالى فإن أغتر بها المرء ورأى انه أحق بها من غيره، أو أنه هو الذي أجتهد في تحصيلها ناسيا بذلك لطف المولى العلي القدير الذي منحه أسباب ذلك، ولولا وافر نعمائه تعالى عليه، لكان كثير العثرات، دائم السقطات، كان فعلا ممن دخل العُجب إلى نفسه. عن صادق العترة الطاهرة ـ ع ـ إنه قال : " أتى عالِمٌ عابِدا فقال له : كيف صلاتُك ؟ فقال : مثلي يُسألُ عن صلاته ؟ وأنا أعبدُ الله منذ كذا وكذا، قال : كيف بُكاؤك؟ قال : أبكي حتى تجري دموعي، فقال العالم :

    إنَّ ضحككَ وأنتَ خائف أفضل من بكائك وأنت مدلٌّ، إنَّ المدلّ لا يصعد من عمله شيء " .

    لقد بلغَ الكبر عند البعض أنه حين تلقي عليه التحية والسلام فأنه يحرك شفتيه فقط دون أن تسمع له رِكزا. أين هؤلاء من قوله تعالى : " وإذا حُييتُم بتَحيةٍ فحيوا بأحسن منها أو رُدوها..". إن السلام والتحية من المستحبات ولكن ردهما من الواجبات ولايمكن بأي حال من الأحوال فهم قوله تعالى" بأحسن منها أو ردوها " بإيمائة الراس فقط أو تحريك الحاجبين أو الشفتين.



    مَن هو المتواضع حقا:

    من باب تعريف الأشياء بأضدادها ذكرنا آنفا "بأن المتكبر هو الذي يرى نفسه أنه يتواضع دائما"، ومثال ذلك، هو أنه يجلس حيث إنتهى به المجلس ويعتقد أن مكانه الذي يليق بحجمه وعلمه ووجاهته هو جلوسه في صدر المجلس ولكنّه جلس مع الصغار أمثالي تواضعا منه ولكي يقال عنه متواضعا. إنه المتكبر فعلا. إن المتواضع هو الذي ينظر إلى نفسه بإزدراء دائما ويرى أن حتى بعض الحيوانات أفضل منه ، مؤلم جدا أن نقرأ ونسمع بتكبر مَن نتوقع منهم أقصى درجات التواضع لعلمهم بذلك. إنهم يحملون الناس على الأبتعاد عنهم والتنكيل بهم، وهذا الأمر خطير جدا، ذلك أن البعض الذي لم يدخل الأيمان إلى قلبه، ولا يقف على أرض صلبة من المعرفة والعلم ، قد ينقلب هذا البعض على عقبيه وخاصة اؤلئك الذين يتصيدون الديدان في الماء العكر. لا يفهم من كلامي هذا، الدفاع عن أحد بعينه. أنا أتفق مع البعض في التشخيص ولكني أختلف بالتطبيب والعلاج. على الواعظين وعظ ذلك المتكبر وتذكيره بتصرفاته كي لا يتمادى بذلك، مهما كان علمه الذي لم يجعله متواضعا. أنا كلما إلتقيت بمتكبر، هرعت إلى البيت وجمعت الأولاد وتحدثت معهم عن منزلة المتواضع عند الله وفي المجتمع ، لأنتج بدل ذلك المتكبر عشرة متواضعين يحلوا غدا محله. لقد إشترط رسول الرحمة والأنسانية بملازمة الأخلاق مع التدين عند الرجل كي يكون مؤهلا للزواج. كم نسمع من أناس يوميا وهم يتبجحون بأعمالهم، وينسبون الفضائل إليهم : أنا الذي.. أنا الذي.. وبعدها يلمحون، وتارة يصرحون، بأنهم من المتواضعين وأن مقامهم هو في أعلى عليين ولكنهم تواضعوا وجلسوا بجانب الفقراء والمساكين ،. إن الزوج المتكبر بعلمه على زوجته. والعكس كذلك، يجعل من الزوجة تعيش عقدة الدونية والحقارة والأحتقار، مما يحملها على إشعال فتيل الحرب معه إنتقاما لكرامتها ومشاعرها التي تُخدش بإستمرار، ويزداد الطين بلة إذا كان ذلك على مرأىً ومسمع من الأولاد { سأتعرض لذلك في حينه }. إن مَلكة تحمّل السيّء من القول والفعل متباينة من شخص لأخَر ومن وقت لأخر. نحن نتكلم هنا عن القواعد العامة وليس عن الشواذ الخاصة. إن الغاية المنشودة هي أن نصل إلى ذلك الهدف السامي النبيل الذي لا نرجو سواه، أنا الكاتب المقصر، وأنت القاريء الكريم ، ألا وهو رضا الله تعالى الواحد المتكبر. لقد أكد الشارع المقدس على وجوب عدم إحترام هذا المتكبر، وتذكيره بأن ذبابة أو دونها كفيلة بأن تسلبه رداء تكبره وترميه بوجهه وهو لايستطيع من شدة ضعفه أن يفعل شيئا. قال الله في كتابه العزيز : " ياأيّها النّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فآستمعوا لهُ إنَّ الذينَ تَدعونَ مِن دونِ اللهِ لَنْ يَخلوقوا ذُباباً وَلَو آجْتَمَعوا لَهُ وّإن يَسْلُبْهُمُمُ الذُبابُ شَيئاً لّايَستَنْقِذوهُ مِنهُ ضَعُفَ الطالِبُ والمطلوب ". هذا مصير المتكبر، يرسل الله إليه أضعف مخلوقاته ويسلطه عليه. الزوج المتكبر عليه أن يراجع نفسه بإستمرار مستعينا بالله تعالى أن ينجيه من هذا الداء الفتاك الذي ينخر في النفس ويجعلها تسلك مسالك المهالك.



    ب ـ عدم الأنسجام المتولد في منتصف الطريق او في نهايته :

    إن دوام الحال من المحال، لكن ما العمل عند تغير الأجواء وهبوب العواصف والرياح. هل يدع القبطان أمواج البحر االتي هاجت على حين غفلة، أن تفعل فعلتها بسفينته التي كان يقودها بهدوء وأمان عمرا من الزمن، أم انه سوف يعمل كل جهده للوصول إلى برالأمان. مستعينا أولا وقبل كل شيء بالمنقذ والمنجد، الذي رباه صغيرا، وإعتنى به يافعا وكبيرا، ليسبب له سببا ينجيه مما أهمه، ويهديه إلى الحكمة التي تنقذه مما هو فيه. هذا بعد تغير الحال لاسمح الله، ولكن ما أسباب تلك العواصف التي غيرت الأجواء، لقد كانت قبل قليل رائعة وجميلة. وجواب ذلك يكون على النحو التالي :



    لا تربط الجرباء حول صحيحة :

    إن الأختلاط بكل مَن هبَّ ودبَّ بدون دراسة وافية شاملة لنمط وأسلوب العيش عند الأخرين ينشر العدوى بين أولئك الذين لم يحصلوا على الجرعة اللازمة من اللقاحات التي تمنع العدوى. يعمد الأطباء إلى عزل المرضى في أماكن خاصة خشية أن يتأثر الأصحاء بهم، لأن الأقتراب إليهم بدون التطعيم ضد العدوى يعرضهم للأصابة بالمثل غالبا. كذلك هو الختلاط بسيّئي الأخلاق : المتكبرون،البخلاء، القاسية قلوبهم، المنافقون، الكذّابون، المشاؤون، النمّاؤون، المفتنون، المستغيبون،المخلفون الوعد، المنقضون العهد، السمّاعون للكذب، الآكلون للسحت وغيرهم على شاكلتهم. إن البعض من هؤلاء يستغل طيبة أحد الزوجين فيحاول جاهدا أن يفتك به، بمختلف الطرق والأساليب، حسدا من عند أنفسهم. يبدأ هؤلاء ببث مختلف أنواعِ الشكوك بين الزوجين، تقربهم إلى نقطة اللاتفاهم التي لاتبعد سوى بضعة أمتار عن نقطة الفراق.



    ملاحظة : سوف نواصل الحديث في الجزء الخامس والأخير بإذنه تعالى. وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين. أرجو من القاريء الكريم عدم المؤاخذة إن سقطت مني كلمة أو عبارة سهوا ومن دون قصد أو عمد.. وما توفيقي إلاّ بالله العلي العظيم.


    محمد جعفر الكيشوان الموسوي






      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد يونيو 30, 2024 8:30 am