العودة للصفحة الرئيسية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مُجمع ألـزهراء ألأسلامي


    ونفسي معيوب.. إلى متى؟

    mohammed jafar alkeshwan
    mohammed jafar alkeshwan


    عدد المساهمات : 20
    نقاط : 63
    تاريخ التسجيل : 14/02/2010

    ونفسي معيوب.. إلى متى؟ Empty ونفسي معيوب.. إلى متى؟

    مُساهمة من طرف mohammed jafar alkeshwan الجمعة أكتوبر 15, 2010 2:19 am

    فقرة أخرى من فقرات المقطع الأخير من دعاء الصباح لمولى الموحدين وأمير المؤمنين عليه السلام التي يستحب السجود عند قراءتها لأن العبد أقرب مايكون لله تعالى وهو في حال السجود.

    كما ذكرنا فيما مضى فإننا نعيش الأدبار الحقيقي حتى في حال السجود. لست مبالغا لأني لم أقرأ ذلك في كتاب ينقد أو ينتقد تصرفاتنا نحن الذين ندعي الأيمان ونتظاهر به. لقد عشت تجارب عديدة لما يقرب من ثلاثين سنة مضت ونحن نلهج : ونفسي معيوب إلى أن قرأها أحدهم يوما : وَنَفَسي معيوب. لم أذكر يوما أننا قد تذاكرنا بعد الأنتهاء من قراءة دعاء كميل بعيوب النفس المعيوب إلاّ مارحم ربي. لقد أصبح حضورنا إلى الدعاء كما الصلاة والصيام روتينيا : حركات وعبارات نرددها ونسأل الله الفرج.



    الندم وطلب العفو :

    إختلفت مع أحد الأصدقاء يوما فأسمعني كلاما ـ إعتبره هو نابيا ـ . إنصرفت عنه طالبا الهداية من الله تعالى لي وله. بعد ساعة من الزمن إتصل بالهاتف وأخبرني بأن هناك أمرا مهما يريد أن يحدثني به.

    قلت : لاتزاحم نفسك وتأتي في هذا الوقت المتأخر والشقة بعيدة عليكم. أبى ذلك وأصر على المجيء.

    جاء هذا الصديق العزيز وطرق الباب بإستحياء وحينما فتحت له الباب وجدت دموعه تسيل بغزارة على محياه الكريم. ظننت أنه يشكو من نازلة قد حلت به لاسمح الله ، فقد تركته قبل ساعة على أحسن حال. إحتظنته ومسحت دموعه بيدي وأدخلته الدار وقلت له : أرجوك أن تحدثني بصدق عما جرى لك. أجابني دون أن ينظر بوجهي : سامحني أيها العزيز فقد أسأت ولم أحترز من لساني فصدر مني ما لاأضمره من الحب لك في قلبي. قلت له : أيها العزيز لم يصدر منك مازعمت ونحن إخوة يحمل بعضنا بعضا على سبعين محمل ، ثم لماذا ـ وهذا الذي أريد أن أصل إليه من خلال ذكري لهذه الحادثة ـ تزاحمت بالمجيء إلى هنا. أجابني:

    طلب الصفح وأنا قريب منك ليس كما في البعد عنك.

    تعليق:

    عبدٌ فقير لاأملك جنة أسكن فيها المحبين ، ولانارا أحشر فيها المبغضين. عبدٌ فقير لاحول ولاقوة له وقد جاءني هذا الصديق العزيز إلى البيت ليجلس قريبا مني ويشكو لي حاله ويطلب الصفح والمسامحة. فما بالنا أيها السادة الأعزاء حينما نطلب العفو والصفح والمسامحة من المولى الغنيّ ذي القوة المتين. إن مجيء هذا الصديق العزيز وهوعلى تلك الحالة من الشعور بالندم كان درسا عرفانيا بليغيا تعلمته منه وهو التقرب لله تعالى بالسجود الحقيقي الذي يجب ألاّ يكون بسجود الجباه فقط وإنما بسجود كلّ عضو فينا ، فهذا القلب المدبرعليه أن يسجد قبل الجبهة ، وهذه العين الجامدة عليها أن تسجد مع القلب وتنهمر منها دموع الندم والتوبة ، وهذا اللسان الطويل الذي مأنفك يغتاب البعيد ويجرح القريب حتى غدا أشد وقعا على النفس من السهام والسيوف ، فجراحاته لاتندمل وسقطاته لاتعد ، عليه أن يسجد مع بقية الجوارح. وماذا ياترى بعد هذا السجود الذي نسجده ـ وللأسف الشديد ـ لبضع ثوان. بعد السجود لايختلف عندنا كثيرا عمّا كان قبله : عودٌ على بِدأ.



    بعد السجود :

    لا شيء جديد ، وربما يكون حالنا ممتازا إن بقينا نراوح مكاننا ولا نتقهقر أكثر من ذلك. تماما كما يفعل الطفل الصغير ـ حاشا القاريء الكريم ـ حينما يخرج من الحمّام طاهرا نظيفا ليعود بعد لحظات إلى اللعب بالوحل والتراب من جديد فيفسد طهارته ونظافته وبريقه. نسجد ولكننا لانعيش السجود إلاّ ثواني أو دقائق ونعود كما ذلك الطفل الصغير إلى الكبرياء والتكبر وإلى الغيبة والنميمة وإلى الظلم وبخس الناس أشياءهم وقد كنا قبل قليل نقف بين يدي المولى سبحانه ونررد : يامحسن قد أتاك المسيء. أنت المحسن ونحن المسيؤون. تجاوز اللهم عن سيئات ماعندنا بحسن ما عندك. أمرنا غريب فعلا ، نردد تلك الكلمات العظيمة الشأن وقلوبنا مدبرة تماما ، نلتفت يمينا وشمالا أو نلهوا بأزرار أثوابنا أو نحاول إغلاق الموبايل ونبتدأ صلاتنا : يامحسن قد أتاك المسيء!!

    ومع هذا كله تشملنا الرحمة الآلهية الواسعة ولكننا نعود فنظلم أنفسنا وندبر أكثر من ذي قبل.



    أيام الوصال :

    يروى أن شابا كان منقطعا لله سبحانه وتعالى وكان يدعو بما يشاء فيستجيب الله تعالى له. مع تلك المنزلة القريبة التي كانت عنده من الرحمن الرحيم إلاّ أن الشيطان لم يترك ذلك الشاب العابد وشأنه. بل أغراه بما يبعده عن ذلك القرب الآلهي ، فمر عليه وقت طويل ولم يذكر الله تعالى فغرته الدنيا بإقبالها عليه وأخذه الغرور فإبتعد عن طريق الصواب إلى أن نسي ذكر الله تعالى. في أحد الأيام وقع ذلك الشاب المسكين في معظلة كبيرة فتوجه إلى الذي رباه صغيرا ورعاه يافعا ورحمه كبيرا. سأل الله تعالى أن ينجيه ويخلصه مما هو فيه من الكرب العظيم. إستجاب الله تعالى دعاءه وأعطاه مراده. تعجب ذلك الشااب كثيرا من هذا الأمر وقال في نفسه : كنت أيام شبابي أدعو الله فيجيبني لأنني كنت أتقرب إليه زلفى بأعمالي وأقوالي وأنقطع إليه وأشكره كثيرا ، أمّا الآن فأنا مدبر عنه مقبل على سواه ، فكيف إستجاب لي. بينما هو كذلك يتساءل مع نفسه وإذا به يسمع هاتفا يهتف :



    أيام الوصال بيننا قديمة نسيتها وحفظناها.



    إن طول السجود والتضرع بين يدي الله تعالى ليس هدرا للوقت الثمين. بل هي لحظات إختلاء العاشق بمعشوقه الأوحد. السجود غسيل روحي يطهر النفس من عيوبها التي لاتعد ولا تحصى.

    التكبر: عيب بالغ الخطورة وعدو فتّاك ، يفتك بنا أحيانا من حيث لانشعر..

    إن مصيبتنا الكبرى وسوء أحوالنا هي في عدم تواضعنا وعدم أعترافنا بأخطائنا.

    إننا أقوياء جدا ونملك كل وسائل الرد العنيف عند مواجهتنا لغيرنا. نوظف كل مالدينا من لباقة وسرعة بديهة وشعر ونثر وخطابات رنانة من أجل الأنتصار على هذا الغير ولايهمنا أبدا إن كان الأنتصار حقا أم باطلا. المهم هو أن نخرج منتصرين أمام الأهل والأصدقاء.

    إننا وللأسف الشديد لم ندخّر ولا سلاحا واحدا عند مواجهتنا لأنفسنا ، كي نخرج منتصرين عليها أمام الله والملائكة الشاهدين وأمام الأخوة الأحبة.

    لازلنا وللأسف الشديد نرتدي أقنعة مختلفة ، بعضها يسقط بملامسة الريح لها والبعض الآخر لايسقط إلاّ بضربة ملاكم محترف. نحاول الظهور بالمظهر اللائق بين الآخرين وفاتنا أن نظهر بالمظهر اللائق أمام الله ورسوله والمؤمنين.

    حتى حينما نعترف بأخطائنا يكون ذلك من باب مكره أخاك لابطل. نشفع ذلك الأعتراف بكلمة ـ لكن ـ لنوحي أن هناك أسبابا أدت إلى اخطائنا فيكون عندها إعترافنا لاقيمة له.

    نغفل أحيانا عن فضيلة الأعتراف بالخطأ ونظن أن الفضيلة تكون بمجرد الكلام دون العمل. الأعتراف بالخطأ يوجب عدم تكراره مرة بعد أخرى.

    سوف لم ولن يتغير حالنا إلى احسن منه مهما كتبنا وإنتقدنا ونقدنا وبكينا ولطمنا وشكونا وإستغثنا وتوسلنا بألأولياء وتشفعنا بهم وقدمناهم بين يدي سوء حالنا. كلّ ذلك لاينفع وهومضيعة للوقت الثمين دون التوجه إلى أنفسنا وإصلاح عيوبها وحملها على الأعتراف بالخطأ وأخذ الهعود والوعود منها بعدم تكرار ذلك الخطأ مستقبلا.



    الشاب العاشق :

    قبل عشرين عاما وفي ليلة جمعة ، خطر ببالي أن أعيش أجواء دعاء كميل مع أحد الأصدقاء وكان شابا عارفا حقا. ذهبت إلى بيته المتواضع وكان النظر إلى وجهه الكريم يذهب عني الهم والكرب.

    بإختصار، عندما بدأ بقراءة : ونفسي معيوب أخذ يبكي بكاء شديدا ويتوسل إلى الله تعالى بأن يعينه على نفسه. إنتهى دعاء كميل. ذهبنا للنوم في غرفة فيها سرير متواضع وبعض قطع الكارتون على الأرض. أشار بإصبعه إلى السرير وقال : هذا مكانك إنه للضيوف الكرام. وأشار إلى قطع الكارتون وقال : هذا مكاني إنه يناسبني. لم أفلح في إقناعه بتغيير أمكنتنا. أطفأ الضوء وإستأذن مني للنوم. لاأظن أنه قد نام لحظة واحدة. كان يعيش الدعاء كل الوقت فكان إذا أراد أن ينقلب ذات اليمين وذات الشمال قال :" الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ماخلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ". وكلما ذكر النار إستوى واقفا وكأن النار قد علقت باثوابه. بإختصار أيضا ، كان قد قضى تلك الليلة بالبكاء والدموع متوسلا إلى الله تعالى بفكاك رقبته من النار، بينما كنت أنا ـ العبد الفقير ـ أنام على ذلك السرير وأنعم بالدفأ والأسترخاء وأشعر بأني ذلك القريب من الله تعالى لأني حضرت دعاء كميل وقد بكى وشكى صديقي نيابة عني.

    إن تكرار " ونفسي معيوب " كل صباح لايصلح من الحال شيئا دون النظر والوقوف أو التوقف قليلا عند تلك العيوب والشروع بإصلاحها قبل فوات الأوان.

    نشكوا كثيرا وندعوا الله كثيرا ولكن لايستجاب لنا. مالسر في ذلك ؟



    سائق سيارة الأجرة :

    حدثني أحد سائقي ـ التاكسي ـ في كربلاء المقدسة في بداية شهر رمضان المبارك المنصرم وقال لي من جملة ماقاله : أننا ندعوا الله في الصيف ونشكر الله كثيرا إن إستجاب لنا في الشتاء. كان يمازحني بألم شديد ويشكو من عدم إستجابة الدعاء. قلت : ياأخ إن الله أمر بالدعاء وضمن الأجابة ولم يجعل إجابته لنا أمرا مستحيلا أو تعجيزيا. إن أبواب السماء مفتحة للداعين. ألم تقرأ في زيارة أمين الله " ودعوة من ناجاك مستجابة... ". إن الخلل ياأخ يكمن فينا. لقد أهملنا أنفسنا ولم نتبع الحق.لم نجتهد لمعرفة الحق وأهله.

    كم من مرة وقفنا فيها وسط الطريق لخيبة زيد أو عمر.

    كم من مرة ظلمنا أنفسنا وتسرعنا بأحكامنا قبل أن نتبين أنه الحق ، والله تعالى ينادينا : " إعدلوا هو أقرب للتقوى ".

    كم من مرة قلنا " ياليت لنا مثل ماأوتي قارون إنه لذو حظ عظيم ".

    كم من مرة تمنينا زوال نعمة الغير لأننا نعيش الفقر.

    كم من مرة إبتعدنا عن الفقير المحروم نخاف ونحذر العدوى لأننا أثرياء.

    كم من مرة نحضر مجالس الدعاء والزيارة ونستخف بالصلاة إن لم نسهو عنها.

    كم من مرة نحضر المجالس ونحن لانفقه أحكام الوضوء. كم مرة .. كم مرة... .

    أخذت أعدد له عيوبي إلى أن أجهشنا بالبكاء سوية.



    إلهي نفسي معيوب..






    محمد جعفر الكيشوان الموسوي

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت سبتمبر 28, 2024 12:13 pm